استطلاعات

خبراء ومختصون يؤكدون لـ"المسار":

الشراكة الاقتصادية.. كلمة السر لدفع العلاقات العمانية الإيرانية إلى آفاق أرحب

المسار   | أحلام الحاتمي

 تؤرخ زيارة الرئيس الإيراني الدكتور إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان يوم الإثنين المنصرم، لبداية مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين الصديقين عنوانها الأبرز: “الشراكة الاقتصادية”، وذلك انطلاقًا من الروابط التاريخية الراسخة التي تجمع بين البلدين، وارتكازًا على مبادئ الدين والأخوة وحسن الجوار، وتأسيسًا على ما يقوم بين البلدين الصديقين من وشائج التواصل وعُرى الصداقة وما يربط بينهما من عوامل الجوار الجغرافي، والرغبة المشتركة في تعظيم مردود المصالح المشتركة.

وقد حوى البيان المشترك الصادر في ختام الزيارة، جملة من التأكيدات على المضي قدما في تعزيز التعاون المشترك بين البلدين مع التركيز على الجانب الاقتصادي، باعتبار أن الاقتصاد بات في عالم اليوم المقياس الرئيس لمدى تطور وازدهار العلاقات بين الدول.

وفي هذا الصدد أبرز البيان تأكيد حضرة صاحبِ الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه – وفخامة رئيس الجمهورية الإسـلامية الإيرانية،

على تدعيم آفاق التعاون المشترك والعلاقات الثنائية وتطويرها وخاصـة تلك المتعلقة بالتعاون التجاري والاستثماري المشترك في مختلف المجالات والتنسيق في الشؤون التي تخدم مصلحة البلدين الصديقين وتعود بالمنافع على شـعبيهما، وفتح مجالات جديدة من الشـراكة الاقتصادية. مع التنويه بالدور الإيجابي الذي يقوم به القطاع الخاص في البلدين لزيادة حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بينهما.

“المسار” استطلعت آراء عدد من الخبراء الاقتصاديين والمهتمين بشأن النقلة النوعية التي تستشرفها العلاقات العمانية الإيرانية في جانبها الاقتصادي مع إعلان البلدين العزم على الدخول في شراكة اقتصادية شاملة وبناءة .

مصطفى سلمان: افتتاح مكتب تجاري لإيران في سلطنة عمان يسهم في تهيئة بيئة أعمال واعدة بين البلدين

مصطفى أحمد سلمان رئيس مجلس إدارة المتحدة للأوراق المالية
مصطفى أحمد سلمان

يقول مصطفى أحمد سلمان الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة المتحدة للأوراق المالية  : إن  نجاح  التبادل التجاري بين سلطنة عمان وإيران، يرتكز حول زيادة التواجد التجاري بين البلدين بشكل أفضل، وتذليل المعوقات التي تعترض تطويره  ومنها : عدم كفاية الموانئ ومحدودية سعتها، وصغر أحجام سفن نقل البضائع الإيرانية ، إلى جانب اعتماد التسهيلات الجمركية ، خاصة أن الجمارك في إيران تصل إلى نحو  40% ، الأمر الذي يصّعب  تصدير البضائع  العمانية إلى إيران، وحاليا هناك استيراد للبضائع  الإيرانية إلى عمان فقط ، وهذا يجعل التبادل التجاري غير متوازن ، ولا يسير بالشكل الصحيح، ويتطلب تصحيحه  تعديل قيمة الجمارك  الإيرانية على البضائع العمانية.

مجالات عديدة للتعاون

وحول المجالات التي من الممكن أن تتضمنها الشراكة الاقتصادية بين سلطنة عمان وإيران، يرى مصطفى سلمان أن هناك مجالات كثيرة من الممكن أن تخدم هذا التبادل التجاري، مثل المواد الاستهلاكية والإلكترونيات، حيث أن العديد من التجار العمانيين لديهم اهتمام باستيراد هذه البضائع من إيران، ومواد البناء ، والسكراب التي  تدخل في صناعة الحديد، علاوة على المواد الخام التي تحتاجها السلطنة مثل الاسمنت، حيث أن هذه المواد يمكن استيرادها مباشرة من إيران.

وبشأن إمكانية قيام تكتل اقتصادي مركزه مسقط – طهران، يقول مصطفى سلمان: وفقًا لمخرجات اجتماع الوفد الإيراني مع نظرائهم العمانيين، فمن المتوقع افتتاح مكتب تجاري لإيران في سلطنة عمان وأيضا التوسع في مكاتب التجارة العمانية في إيران، وهذا من شأنه تهيئة بيئة عمل واعدة بين البلدين، وتعريف المستثمرين والتجار بمزايا الاستثمار في   سلطنة عمان وكذلك مميزات الاستثمار في إيران.

برامج إعادة التصدير

وحول تعزيز الاستثمارات المشتركة بين البلدين ،مع توظيف منطقة الدقم الاقتصادية، يقول مصطفى سلمان: إن  المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ، هي منطقة رئيسية وخصوصًا في مجال إعادة التصدير، ويمكن للجانب الإيراني الاستفادة من الدقم في برامج إعادة التصدير، كما أن المنطقة الحرة  في صحار يمكن أن تفيد الجانب الإيراني بشكل أفضل كونها الأقرب جغرافيًا ، وبالمقابل يمكن للبضائع العمانية أن تستفيد من مناطق في إيران مثل: المنطقة الحرة في كيش أو أماكن أخرى  يمكن أن تستفيد منها التجارة العمانية في التصدير، خاصة  أن  النقل البحري اللوجستي متوفر بشكل جيد في هذه المناطق.

وعلى الحكومة العمانية أن تعمل على تيسير بعض الإجراءات المالية والبنكية، للتسهيل على المستثمرين والتجار الإيرانيين فتح حسابات بنكية بيسرٍ وسلاسة، باعتبار أن الجانب المالي يلعب دورًا مهمًا في تعزيز الحراك التجاري بين البلدين.

تنشيط التجارة البينية

من جانبه يقول الدكتور أحمد الهوتي الخبير الاقتصادي تعليقًا على الشراكة الاقتصادية العمانية الإيرانية ومقومات نجاحها ، والمجالات التي من الممكن أن تتضمنها هذه الشراكة :  يعتبر قطاع الخدمات من القطاعات المهمة، والتي يمكن العمل من خلاله على تنشيط التجارة البينية وجعل السلطنة مقر رئيسي لانتقال المنتجات الإيرانية إلى العالم ، وأيضا افتتاح فروع للمصانع الإيرانية في السلطنة، وبالتالي تفعيل الصناعات التحويلية العمانية الإيرانية، وتصديرها من مسقط إلى العالم واستغلال الإمكانيات اللوجستية المتوفرة في السلطنة حاليًا (سواء مطارات أو موانئ أو طرق برية وغيرها).

وهنا لا بد من تفعيل سلاسل الإمداد وسلاسل التوصيل من خلال الخدمات اللوجستية بين البلدين، الأمر الذي سيشكل أهمية كبيرة لتقليص المدد وتقليل حجم الأموال التي تصرف عادة في مثل هذه الأحوال اللوجستية، أَضف إلى ذلك أن المنتجات الإيرانية ستصل بسرعة وبجودة أعلى إلى العالم.

وحول إمكانية قيام تكتل اقتصادي مركزه مسقط – طهران، يشير الهوتي إلى أنه يدور حديث الآن عن إيجاد  تكتل اقتصادي في المنطقة وضم إيران واليمن على الأقل في المرحلة المقبلة ضمن هذا التكتل ، وهذا التكتل من شأنه أن يكون واحدًا  من أقوى التكتلات على اعتبار أنه يشكل حجرة زاوية لإمداد العالم بالطاقة سواء النفط أو الغاز أو بقية البتروكيماويات، ناهيك عن أن العالم سيستفيد من هذه العلاقة ، وهنا انا لا أتحدث عن العلاقة العمانية الإيرانية فقط وإنما عن العلاقة الإيرانية الخليجية عمومًا، والتي من المفترض أنها تتطور مع الوقت وأن تجعل المنطقة أكثر أمانًا واستقرارًا، وبالتالي وضع إيران واليمن والعراق معًا ، وبالتالي سيصبح مجلس التعاون تكتلا اقتصاديا قويا.

أحمد الهوتي: سلطنة عمان مؤهلة لتكون منطلقًا للمنتجات الإيرانية نحو أسواق العالم  

 أحمد الهوتي
د. أحمد الهوتي

وعن كيفية تعزيز الاستثمارات المشتركة بين البلدين  مع توظيف منطقة الدقم الاقتصادية، يرى الهوتي أن السلطنة منفتحة على دول العالم سواء إيران أو غيرها، وللبلدين خبرة مع في التعاون التجاري الثنائي طوال السنوات الماضية، ولكن يحتاج إلى تطوير وترجمة الأقوال إلى أفعال، وتعزيز الثقة بين الجانبين، ودعوة المستثمر الإيراني إلى أن ينتقل باستثماراته وصناعاته إلى السلطنة باستغلال الفرص المتاحة بعيدا عن مشكلة العقوبات وغيرها من الصعوبات التي تواجهها طهران.

وحول الجوار الجغرافي بين البلدين ودوره في تعزيز الشراكة الاقتصادية، يشير الهوتي الى أن الجوار الجغرافي يشكل إطارًا واحدًا، ولكن هناك زوايا أخرى مهمة مثل العلاقة المالية والمصرفية بين البلدين، والعلاقة الاقتصادية المتعلقة بالتشريعات والقوانين والنظام الجمركي ، وتسهيل عبور البضائع والسلع من الموانئ والأراضي الإيرانية إلى العالم خاصة إلى آسيا الوسطى. فهناك جملة من الأمور التي يجب أن تكون واضحة وسهلة وسلسة ومرنة ، وعندما تكون هذه الأمور متاحة فحينها يمكن الحديث عن توظيف الجوار  الجغرافي، وإمكانية الاستفادة  المتبادلة من خلال  إيصال المنتجات العمانية إلى إيران، والتواصل مع آسيا الوسطى.

وعن كيفية الاستفادة من الخبرات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، يوضح الهوتي أن الخبرات موجودة لاسيما في قطاعي الصحة والسياحة، ولكنها محدودة وفي نطاق ضيق نتيجة لأسباب وظروف سياسية واقتصادية مازالت تؤثر على تسهيل انتقال رؤوس الأموال وحركة التجارة البينية ، لذلك نتمنى من البلدين أن يعملا بجهد أكبر خلال المرحلة القادمة حتى يستطيع المواطن ان يجني ثمار هذه العلاقة ، وأن تكون هناك أطر تشريعية واضحة مع بقية التسهيلات التي ستقدم للمواطنين والمستثمرين.

خلفان الطوقي: مشروع أنبوب الغاز البحري إضافة نوعية لمجالات التعاون الثنائية

 خلفان الطوقي
خلفان الطوقي

ويشير خلفان الطوقي، الكاتب والمحلل الاقتصادي ، إلى أن هناك جملة عوامل ومقومات تدعم العلاقة التجارية بين سلطنة عمان وإيران، حيث إنه تربط بين البلدين علاقة تاريخية تمتد إلى آلاف السنين، علاوة على عامل الجوار الجغرافي والذي جعل من عملية التواصل بين البلدين سهلة وميسورة، حيث تربطهما حدود بحرية وممر مائي وموانئ بحرية وتجارية مثل ميناء تشابهار التجاري البحري وميناء بندر عباس.

ويضيف: إذا استطاعت سلطنة عمان الدخول إلى السوق الإيراني فإن في هذا مصلحة مشتركة للبلدين، حيث إن الدخول إلى السوق الإيراني يعني الوصول إلى نحو ( 100)مليون شخص، الأمر الذي سيعزز من الصادرات العمانية.

أما  واقع الأرقام الآن – يستطرد  الطوقي – فيشير بوضوح  إلى أن  كفة ميزان  التبادل التجاري تميل لصالح  إيران ، لذا يجب على سلطنة عمان بذل المزيد من الجهود للاستفادة أكثر  من الفرص، وتوظيف المزايا التي تتمتع بها ومن ذلك الموقع الجغرافي الاستراتيجي على بحر العرب والمحيط الهندي والقرب  من الأسواق الآسيوية والأفريقية، كما يمكن لإيران أن تعتمد على السلطنة في إعادة تصدير بضائعها إلى هذه الأسواق، ويمكن أن  تنشئ مصانع  في الدقم أو صحار حتى  تنساب منتجاتها من السلطنة إلى تلك الدول، وفي هذا    مصلحة مشتركة لسلطنة عمان وإيران ، يساعد على ذلك تكامل  الخدمات  اللوجستية في السلطنة من حيث وجود الموانئ الجاهزة  لاستقبال البضائع من الجانب الإيراني، وهي موانئ  متطورة  وتشتمل على جميع التجهيزات اللازمة    في السويق وصحار والدقم وصلالة، وأيضا  في مسندم والتي تعد  المكان المناسب لتصدير البضائع العمانية إلى إيران أو العكس من إيران إلى السلطنة ، ومن ثم انتقالها إلى السوق العماني المحلي أو تصديرها إلى الأسواق الخارجية كنشاط إعادة التصدير.

آفاق رحبة للتعاون

وعن مجالات التعاون بين سلطنة عمان وإيران ضمن الشراكة الاقتصادية المقترحة، يقول الطوقي: كثيرة هي مجالات التعاون، ومن أهمها: الأمن الغذائي، والثروة السمكية والأحياء البحرية، ونقل الخبرات الفنية في الجوانب التجارية السياحية والطبية وفي قطاع التعليم.

ويمكن للجانب الإيراني أن يستفيد أيضًا من المناطق الحرة الموجودة في سلطنة عمان والبالغ عددها 10 مناطق .

إن وجود صناعات إيرانية في عمان سوف  يسهم في تعزيز مكانتها من خلال الاستفادة من الاتفاقيات التجارية  العمانية ، ومنها الاتفاقية التجارية مع  الولايات المتحدة الأمريكية ،  مما يتيح  معاملة المنتجات العمانية الإيرانية كأنها منتجات عمانية ، وبالتالي تطبق عليها الامتيازات  المنتجات العمانية عند تصديرها للدول التي ترتبط باتفاقيات للتجارة الحرة مع السلطنة.

وهناك حوافز كثيرة للاستثمار في سلطنة عمان يمكن للجانب الإيراني الاستفادة منها، من بينها رسوم الانتفاع والمحددة بقيمة قليلة في أول ثلاث سنوات، والإعفاءات الجمركية، ومن الرسوم لأول ثلاث أو خمس سنوات.

ومن ضمن المجالات كذلك، التعاون في الصناعات البترولية بين الجانبين، وأيضًا مشروع الأنبوب البحري والذي يتيح لسلطنة عمان الاستفادة من احتياطيات الغاز الطبيعي لدى إيران لتغذية الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة ومحطات تصدير الغاز الطبيعي المسال، ومن المؤمل إحياء العمل في المشروع بعد توقف دام نحو عقدين، ليشكل إضافة نوعية لمسيرة العلاقات الاقتصادية بين سلطنة وعمان وإيران.

المصدر
المسار-خاص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى