حمد الصالحي يكتب: بين المقاعد.. المعركة الصامتة ضد التنمر

المسار | آراء الكتًاب
حمد الصالحي
مريم، فتاة في الرابعة عشر من عمرها، كانت دائمًا مميزة بشعرها المجعد الكثيف ونظارتها الكبيرة. في المدرسة الجديدة التي انتقلت إليها، لم تكن هذه السمات مصدر فخر بالنسبة لها، بل أصبحت سببًا لسخرية زملائها. يوميًا، كانت تسمع تعليقات ساخرة عن شكلها، وكثيرًا ما وجدت ممتلكاتها مبعثرة. مع مرور الوقت، بدأت مريم تشعر بأنها أقل من الآخرين وبدأت تكره نفسها ومظهرها. كانت تبكي بصمت في غرفتها كل مساء، وتتجنب النظر إلى المرآة. لم تتحدث عن معاناتها لأسرتها، وحاولت التكيف والاندماج، لكن دون جدوى.
لم يلاحظ أحد التغير في سلوك مريم حتى بدأت تتغيب عن المدرسة بشكل متكرر، وتتجنب المشاركة في أي نشاط. عندما تم مواجهتها من قبل والدتها، انهارت مريم وروت تفاصيل التنمر اليومي الذي تتعرض له.
هذه هي قصة مريم، ومثلها العديد من الأطفال والمراهقين يعانون في صمت من التنمر الذي يقلل من ثقتهم بأنفسهم ويحط من قيمتهم. ومع ذلك، يتيح لنا الحديث عن هذه القصص فرصة للتوعية والبحث عن حلول فعالة للقضاء على هذه الظاهرة.
منذ عقود، اعتبر التنمر جزءًا من مرحلة الطفولة، وأظهرت الأبحاث الحديثة أن التنمر يمكن أن يكون له تأثيرات طويلة الأمد على الأطفال، سواء كانوا ضحايا أو متنمرين. هذا المقال يهدف إلى استكشاف مشكلة التنمر في المدارس وتقديم طرق لمعالجتها.
التنمر هو سلوك عدواني متكرر يستهدف شخصًا أو مجموعة من الأشخاص الذين يجدون صعوبة في الدفاع عن أنفسهم. يمكن أن يكون التنمر عقليًا، أو جسديًا، أو إلكترونيًا، وهو موجود في معظم مجتمعات العالم.
يمكن أن يكون للتنمر تأثيرات نفسية واجتماعية وأكاديمية على الضحية. من الآثار النفسية؛ الاكتئاب، والقلق، وانخفاض الثقة بالنفس. وقد يؤدي التنمر إلى الانعزال الاجتماعي وتراجع الأداء الأكاديمي.
قد يتنمر الأطفال لأسباب متعددة، مثل الرغبة في السيطرة، أو انعدام الثقة لديهم، أو بسبب تجارب العنف في المنزل. كما قد تشجع الثقافة المحيطة ووسائل الإعلام على السلوك العدواني.
ومن طرق معالجة التنمر في المدارس التي يجب التنبه لها ما يلي:
- التوعية: يجب توعية الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور بأضرار التنمر وتأثيراته.
- تطبيق القوانين: يجب تطبيق القوانين بشكل صارم ضد المتنمرين وتوفير بيئة آمنة للطلاب.
- برامج التدريب: تدريب الطلاب على مهارات التواصل وحل المشكلات يمكن أن يقلل من حوادث التنمر.
- دعم ضحايا التنمر: يجب تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا لمساعدتهم في التغلب على تأثيرات التنمر.
- إشراك الأسرة: تعاون المدرسة مع الأسرة يمكن أن يلعب دورًا حيويًا في التصدي للتنمر.
لمدرسة خالية من التنمر، يجب تطبيق استراتيجيات متعددة تركز على الوقاية والتدخل في الوقت المناسب. عندما نعمل معًا كمجتمع، يمكننا توفير بيئة تعليمية آمنة ومواجهة مشكلة التنمر بشكل فعّال.