دراسة تلقي الضوء على التعثر الأكاديمي لطلبة الجامعات.. الأسباب والحلول المقترحة لمعالجته
المسار | حوار – بدرية الغلابية
تعد المرحلة الجامعية من أهم المراحل الدراسية للطلبة، ويلاحظ أن بعض الطلبة يعانون من انخفاض مستواهم الدراسي في المرحلة الجامعية مقارنة بمستواهم المتميز في المرحلة الثانوية، فالبعض يقع في الملاحظة الأكادمية ويكون معرض للطرد، والبعض ينسحب كليًا من الجامعة بعد تدني معدله الأكاديمي، وفئة أخرى تتعرض للطرد بعد استنزاف كل المحاولات لتحسين المستوى الدراسي ورفع المعدل الأكاديمي المطلوب للاستمرار في الدراسة الجامعية ومنهم من يقرر البقاء رغم تدني مستواه ومعدله الأكاديمي ويتخرج بمعدل قليل.
وفي هذا الشأن أجريت دراسة على طلبة أحد الجامعات في سلطنة عمان وبالتحديد الطلبة أصحاب المعدلات المتدنية وطلاب الملاحظة الأكاديمية من قبل أخصائي اجتماعي من قسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي الدكتور أحمد ثابت هلال إبراهيم حول العوامل التي تؤدي إلى تدني مستويات الطلبة ووقوعهم في الملاحظة الأكاديمية.. في الحوار الصحفي التالي مع الدكتور أحمد ثابت هلال إبراهيم نحاول التعرف عن قرب على أبرز نتائج هذه الدراسة.
> يواجه الطلبة اختلاف شاسع أثناء انتقالهم من المرحلة الثانوية إلى المرحلة الجامعية نظرًا لاختلاف طبيعة الدراسة والأنظمة بين المدارس والجامعات مما يتسبب في تعثرهم أكادميًا، ماهي أبرز وأهم الاختلافات التي يجب أن يدركها الطالب عند انتقاله لمرحلة الدراسة الجامعية؟
يختلف شكل ونظام الدراسة بين المرحلة الثانوية والجامعية، حيث يأتي الطالب من اعتياده على الدراسة في عدد محدد من الساعات و جداول مرتبة مسبقًا بخلاف النظام الجامعي الذي يعتمد فيه الطالب على نفسه في ترتيب جدوله الدراسي وفق خطة معينة. كما أن الطالب في المرحلة الثانوية يدرس المنهج كاملاً مع المعلم بخلاف النظام الجامعي؛ فقد يجد الطالب نفسه في بعض المواد مطالبًا بفهم أجزاء كبيرة بمفرده بحيث أن المعلم قد يتطرق إليها بصورة بسيطة والطالب هو المسؤول عن التعمق في فهم هذه الجزئيات. ومن الأشياء الهامة جدًا في الفارق بين المرحلتين الثانوية والجامعية هي القواعد الخاصة بالدرجات، ومسألة النجاح أو الرسوب في أي مادة، أو في العام الدراسي. فالطالب خلال المرحلة الثانوية يسعى إلى تحقيق الدرجات النهائية دون أن يكون هناك أي مسميات خاصة بهذه الدرجات، فنقول أنه حصد نسبة معينة في هذه المادة، أما في النظام الجامعي فالتركيز الأساسي لا يكون بالتعامل بالدرجات بل يشيع دائمًا استخدام التقديرات على سبيل المثال: مقبول ، ممتاز ، جيد جدًا كتعبير عن التقدير الذي حصل عليه الطالب في مادة معينة و فالأخير تجمع هذه الدرجات وتنقسم على عدد الساعات المسجلة للطالب للحصول على نسبة تعرف بالمعدل الأكاديمي الذي يحدد وضع الطالب ما إذا كان في المعدل الطبيعي أم انه تحت الخطر ” الملاحظة الأكاديمية”.
> في ضوء الدراسة التي قمت بإجرائها مع الطلبة أصحاب المعدلات المتدنية و طلبة الملاحظة الأكادمية، ماهي أهم الأسباب التي تؤدي إلى تعثر الطلبة أكادميًا في المرحلة الجامعية بالرغم من تفوقهم في المرحلة الثانوية؟
من وجهة نظر الطلبة فإن أهم الأسباب التي أدت إلى ضعف مستواهم الأكاديمي في الجامعة ووقوع البعض منهم تحت الملاحظة الأكاديمية:
- أسباب أسرية: ضعف الرقابة الأسرية فيما يتعلق بالوضع الدراسي للطالب، كثرة التجمعات الأسرية تجعل من الطالب مهملاً تجاه دراسته، وفاة أحد الوالدين تؤثر نفسيًا على الطلبة وتجعل منهم مقصرين تجاه دراستهم. أيضًا المشاكل الأسرية التي تؤثر على الطالب بشكل كبير ولها دور في إهماله تجاه دراسته، والأذى النفسي الذي يتعرض له الطالب من قبل أسرته، كذلك التميز داخل الأسرة وإجبار بعض الأهالي أبنائهم لدراسة تخصص معين لا يتوافق مع شخصية وطموح الطالب.
- أسباب نفسية: صدمات عاطفية بعض منها نتج من المشاكل الأسرية والبعض من العلاقات الخارجية، أمراض نفسية قد يعاني منها الطلبة كالتوحد والاكتئاب.
- أسباب شخصية: اهمال الطالب وتقصيره تجاه الدراسة، ضعف الوازع الديني الذي له دور في التأثير على دراسته، وكذلك عدم وعي الطالب بالأنظمة الجامعية مثل الخطط الدراسي ونظام النجاح والرسوب داخل الجامعة.
- أسباب مادية: الجانب المادي مهم أثناء الدراسة، فيحتاج الطالب المال لتوفير المستلزمات الدراسية وباقي المستلزمات الحياتية له بالأخص إذا كان طالب مغترب يعيش بعيد عن أهله، فقد انسحب بعض من الطلبة من الجامعة والبعض عانى من تدني مستواه الدراسي بسبب ضعف الجانب المالي.
كما توجد أسباب أخرى ناتجه من إهمال الطلبة أنفسهم للدراسة الجامعية، مثل عدم اتباع الطالب الخطة الدراسية المخصصة لتخصصه فيباشر بتسجيل مواد عشوائية وبعضها من خارج الخطة الدراسية، وتسجيل أكثر من مقرر بساعات كثيرة في أول فصل للطالب فغالبًا يجد الطالب صعوبة في الجمع بين هذه المقررات والتوفيق فيما بينها دراسيًا. أيضًا ضعف اللغة الإنجليزية بالنسبة للتخصصات التي تدرس باللغة الإنجليزية، والضعف في بعض المقررات الجامعية إما بسبب صعوبة المناهج الجامعية مقارنة بالمرحلة الثانوية أو إهمال من الطالب نفسه في المذاكرة والموازنة بين الأنشطة الصفية والأنشطة اللاصفية. ويضيف أن أحد الأسباب التي تعيق الطالب من تحسين مستواه الدراسي وخروجه من الملاحظة الأكاديمية هو عدم إلمام الطالب بالطريقة المثلى للخروج من الملاحظة والأكاديمية وطلب المساعدة من المرشدين الأكاديميين.
> ماهي النصائح التي توجهها للطلبة حتى يتفادوا التعثر الأكاديمي في المرحلة الجامعي أو للطلبة الواقعين تحت الملاحظة الأكادمية؟
هذه مجموعة من الحلول والمقترحات تساعد الطالب على تفادي التعثر الأكاديمي وأيضا تساعد طلبة الملاحظة الأكاديمية وأصحاب المعدلات المتدنية من تحسين مستواهم الدراسي:
- السعي لتقبل بيئة المنزل، والمحاولة في عدم جعل المشاكل الأسرية تؤثر على الجانب الدراسية.
- البعد عن المنزل على قدر المستطاع أثناء الدراسة وبالأخص فترة الاختبارات، ومحاولة الموازنة بين أوقات الدراسة وأوقات زيارة الأهل.
- عدم الاهتمام بالتعليقات السلبية التي توجه لك كطالب سواء من قبل الأسرة أو من قبل المجتمع بشكل عام حفاظا على صحتك النفسية.
- بذل جهد أكبر في الدراسة والاستعانة بالتقنيات الحديثة كقنوات اليوتيوب وغيرها في فهم المواد التي لا يتم شرحها بشكل وافي من قبل الدكاترة الجامعين وتعتمد على جهد الطالب البحثي بشكل أكبر.
- الموازنة بين أوقات الدراسة وأوقات الراحة والترفيه، ومحاولة البعد عن المشتتات الدراسية كوسائل التواصل الاجتماعي وأصدقاء السوء.
- اللجوء الى مراكز الارشاد الأكاديمي داخل الجامعة بهدف المساعدة في حال وقوع الطالب في الملاحظة الأكاديمية وتدني مستواه الدراسي.
- محاولة إيجاد مصدر دخل إضافي في حالة كان الطالب يعاني من ضعف الجانب المادي، كالعمل في مشاريع تجارية بشكل مؤقت.
- المشاركة في الأنشطة الطلابية، ولها دور في تعزيز قدرات الطالب وتكوين علاقات جامعية تخدم الطالب اجتماعيًا ودراسيًا.
- تقوية الوازع الديني، ومحافظة الطالب على علاقته مع ربه وهي أحد أهم الأسباب في التفوق الدراسي، والحرص على إيجاد بيئة مناسبة للطالب أثناء فترة الدراسة الجامعية.
> يوجد فئة من الطلبة تلقي اللوم على الأنظمة الجامعية أنها سيئة وغير مراعية لأوظاع وظروف الطلبة و صعوبة المناهج الدراسية، ماذا تقول في هذا الشأن؟
المرحلة الجامعية بالتأكيد سوف تكون أصعب من المرحلة الثانوية وعلى الطلبة تقبل هذا الأمر؛ لكنه لايعني أن النظام الجامعي والمناهج الجامعية تفوق قدرات جميع الطلبة بل بالطبع سوف توجد هناك فروقات واختلافات بين الطلبة في فهم وتحصيل المناهج الجامعية والتأقلم مع أنظمتها وهذا وارد في جميع المؤسسات التعليمية وبمختلف مراحلها. وإدارة الجامعة أولت اهتماما كبيرا برعاية الطلبة والاهتمام بتوعيتهم منذ السنوات الأولى من التحاقهم بالجامعة حول الأنظمة والقوانين الجامعية، وتتبع مسيرتهم التعليمية، وتسخير الإمكانات لتذليل العقبات التي قد يواجها الطلبة. وعلى ذلك عملت إدارة الجامعة والكليات ومختلف وحداتها ذات الصلة جاهدة في الوقوف على أسباب وقوع الطلاب في الملاحظة الأكاديمية، وتبني الأفكار والمقترحات في سبيل خفض نسب الطلبة الواقعين في الملاحظة الأكاديمية، والسعي لتطبيق الإجراءات الوقائية والحلول والوقوف على النتائج؛ مما كان له الأثر الإيجابي والملموس في انخفاض نسبه الطلاب الواقعين في الملاحظة الأكاديمية. كما أن الجامعة قد طرحت مقرر اختياري جامعة باسم “دراسات جامعية ” ويتحدث بشكل مختص ومفصل عن الأنظمة والقوانين الجامعية والذي يساعد في الطلبة بفهم النظام الجامعي وتجنب الوقوع في الملاحظة الأكاديمية أو تدني المعدل الدراسي.