د. محمد الحوسني يكتب: التحول الرقمي في المنظمات الحكومية والمؤسسات الخاصة

المسار – آراء الكُتاب
د. محمد بن شامس الحوسني
قبل الحديث عن الموضوع، أود الإشارة إلى أن المقال يستخدم مصطلح”المنظمات الحكومية”والذي يشير إلى وحدات الجهاز الإداري والتقسيمات والأفرع التي تستظل بالإشراف الحكومي ذات النفع العام، ومصطلح “المؤسسات الخاصة” والذي يشير إلى الوحدات التابعة للقطاع الخاص والتي تعمل على تحقيق أرباح من جراء نشاطها، وبالتأكيد هناك قواسم مشتركة بين الجانبين في تقديم الخدمات التي سوف يتم التطرق إليها في حيثيات هذا المقال، أرى من المناسب وضعها في الاعتبار عند النظر إلى مسألة التحول الرقمي في سلطنة عمان واعتبار القطاعين جزء واحد في هذه المسالة.
تحتل التقانة الرقمية جل الاهتمام في عالم المنظمات الحكومية والمؤسسات الخاصة لكونها السبيل الأوحد لسرعة الإنجاز في تقديم خدماتها وسهولة الاستخدام من قبل المستفيدين الذين يستغلون تلك الخدمات في وقت تنتشر فيه المنصات والتطبيقات التي تخدم الأطراف ذات العلاقة؛ مقدم الخدمة والمستفيد منها. ولكي يتحقق التحول الرقمي بالصورة المرجوة في سلطنة عُمان في ظل ما تشهده من تطورات اقتصادية واجتماعية، فإنه من المناسب عند النظر إلى هذا التحول أن تكون لدينا قناعات حول الأمور التالية:
أولها: التنسيق بين المنظمات الحكومية في التطبيقات المشتركة: على الرغم من الجهود المبذولة في هذا الجانب إلا إنه لا تزال التحديات قائمة تتمثل في أن كل منظمة لها تطبيقاتها المختلفة في إدارة عملياتها الإدارية والإجرائية وبالطبع هذا له انعكاسات على زيادة الاعتمادات المالية في تصميم وتنفيذ تلك البرامج أو التطبيقات، وتحتاج عملية التوافق إلى زيادة أعباء مالية كان يمكن اختزال تلك الجهود في برامج وتطبيقات موحدة وبخاصة ذات الاشتراك في كثير من الإجراءات الإدارية كما هو الحال في أنظمة المراسلات في الوحدات الحكومية، رغم الجهود التي بذلتها وتبذلها الوحدة الإدارية المسؤولة عن إدارة وتنظيم وحفظ واسترجاع وثائق العمليات الإدارية في الوحدات الحكومية. نستخلص من ذلك أهمية وجود جهة معنية بمسألة التحول الرقمي تعمل على تنسيق العمليات الإدارية في التطبيقات المشتركة تعمل على تصميم وإدارة تلك البرامج والتطبيقات بصورة مركزية وتتاح للوحدات الولوج إلى تلك التطبيقات والبرامج باعتبار موظفيها (مستخدمون) يعملون تحت الإدارة المركزية لتك التطبيقات والبرامج وهذا التوجه سوف يوفر الكثير من المال والجهد وكذلك سرعة مواجهة التحديات الأمنية والتحديثات المستمرة بناءً على ما يصل تلك الجهة من ملحوظات عن الأداء.
وثانيها: التنسيق بين المنظمات الحكومية والمؤسسات الخاصة: هناك الكثير من الخدمات والعمليات الإدارية المشتركة بين القطاعين العام والخاص منها: عمليات بين إدارات المنظمات الحكومية وإدارات مؤسسات القطاع الخاص، ومنها بين المنتسبين من الموظفين في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وبالتالي هذه العلاقة التبادلية والمصالح المشتركة تحتم وجود تنسيق في عملية التحول الرقمي لأنه ليس من المقبول تنفيذ عملية إدارية مشتركة بين القطاع العام والقطاع الخاص نصف العملية تعالج تقنيا ونصفها الآخر بالطرق التقليدية، وربما يتخوف البعض من أن هناك تحدي ذو علاقة بالأمن السيبراني في حال القيام بهذا التوافق بين القطاعين وربما هناك ثغرات قد تحدث من هذا الانفتاح التقني إلا إن التطور في مسألة (الاختراق الأخلاقي) وتفعيله في مختلف مسارات التحول الرقمي كفيل لسد الثغرات الأمنية مجال التخوف .
وأخيرًا: التحول الرقمي في سلطنة عُمان لابد وأن يعتمد اعتمادا كليا على الأيدي الوطنية التي يزخر بها الوطن وهذا التوجه سوف يكون له آثار قريبة وبعيدة منها: القضاء على جشع الشركات المتخصصة في البرمجيات التي عادة ما تبالغ في متطلباتها المالية وبخاصة عندما تطالب بقضايا التطوير والتحديث هذا فضلا عن أن هناك جانبا مهما يتعلق بالنواحي الأمنية لهذه البرامج.
ولكي يتحقق الهدف من التحول الرقمي والغاية المرجوة منه أرى أن يصاحب هذا الاهتمام اتخاذ خطوات قد تسهم في سرعة الوصول إلى الهدف المنشود من هذا التوجه ومن بين تلك الخطوات ما يلي:
-إنشاء وحدة متخصصة حكومية تعنى بالاختراق الأخلاقي وتزود بالخبرات الوطنية المتعلمة والمدربة لقيادة جوانب الأمن السيبراني لمتخلف أنظمة التشغيل المعمول بها والتطبيقات والبرامج التي تنفذ عمليات التحول الرقمي في القطاعين العام والخاص.
-اخضاع العمليات الإدارية أو الإجراءات الإدارية المراد وضعها في إطار التحول الرقمي إلى أداة النمذجة الكفيلة (بتشذيبها) من الإجراءات غير الضرورية ووضعها في صورتها السهلة الخالية من التعقيد انطلاقا من السعي الرامي إلى تبسيط الإجراءات دون الإخلال بصيغها وأوضاعها القانونية.