حوارات

سردت لـ "المسار " قصة تأسيس مكتبتها "ردهة القراء"

سارة المريخية: المكتبات لا تموت

  • المشاريع الثقافية في سلطنة عُمان موجودة ومستمرة
  • المكتبة تتميز بالعلاقة الوطيدة مع القارئ
  • المجتمع يثق أكثر في المكتبات الواقعية

للمكتبات جاذبية خاصة، وسحر لا يقاوم لمن يعشقون الإبحار بين صفحات الكتب، وارتياد عوالمها التي تنضح بالمعرفة، وتبوح بأسرار الفكر وجوهر الثقافة.

وهناك أناس كرّسوا جهدهم ووقتهم لتلوين حياتنا بصنوف الإبداع الأدبي والفكري من خلال افتتاح المكتبات وتوفير نفائس الكتب في شتى صنوف الفكر والأدب، لتكون واحات للمعرفة، وجزر للتزود بثمرات المطابع ومخرجات العقول، ومصدرًا للإلهام الذي يدفعنا إلى التغّير نحو الأفضل.

من بين هؤلاء سارة المريخية صاحبة مكتبة “ردهة القراء” في الخوض بولاية السيب.

في حوار مع “المسار” تتحدث سارة المريخية عن رحلتها مع الكتاب منذ اكتشاف شغفها بالقراءة إلى افتتاح وإدارة مكتبة يؤمها الكثيرون من رواد المعرفة وهواة الاطلاع.

سارة المريخي

المسار  | حوار عبير العجمي

 الثقافة بخير

  • في ظل تراجع عدد المشاريع الثقافية بشكل عام والمكتبات بشكل خاص في سلطنة عمان في العقدين الماضيين وإغلاق الكثير منها لأسباب مختلفة، وتحول أغلب المكتبات إلى بيع الأدوات القرطاسية؛ حدثينا؛ عن ولادة فكرة تأسيس مشروع مكتبة “ردهة القراء”.. وهل اختيار مشروع المكتبة كان بهدف تأسيس مشروع تجاري ناجح، أم لدوافع أخرى مثل الشغف بالقراءة والاطلاع والرغبة في الإسهام بتعزيز ثقافة القراءة لدى أفراد المجتمع؟

* أود بداية الإشارة إلى أن المشاريع الثقافية في سلطنة عُمان موجودة ومستمرة والكثير منها يظهر وأخرى في طور الظهور.

أما عن إغلاق بعض المكتبات فالسبب لا يعود بشكل رئيس إلى تراجع الثقافة في المجتمع، فكما نرى أن المجتمع العماني اليوم النسبة الأكبر فيه متعلمة مقارنة بالأجيال السابقة، بل أنها أسباب تجارية أكثر فعندما تفتح مكتبة تجارية ويكون هناك تكاليف مثل الإيجار والموظفين والشحن والتسويق، فمن الطبيعي أن يكون المال هو الفيصل أما عن تحول المكتبات الثقافية لبيع القرطاسية فهذا أمر لم أشهده بعد، لكن هناك مكتبات قرطاسية توفر الكتب الثقافية حسب طلب الزبون وهذا أمر طبيعي فهو جزء من عملها.

وأما عن مكتبة “ردهة القراء” فهي ليست وليدة اليوم، وأيضا هي ليست فكرتي، بل إن اخي أسسها في عام٢٠١٣م عند ظهور “الإنستغرام “حيث بدأ كمتجر صغير يقدم العناوين المطلوبة وغير المتوفرة بشكل دائم، حيث هدف إلى توفير الكتاب الثقافي المسلي والمفيد والجاذب للشباب والصغار، وتمكن من صناعة اسم والوصول لاهتمام عدد كبير من الناس وساعد في وصول الكتاب بشكل أسرع ليد القارئ ومنها بدأت المكتبات الأخرى بالظهور واليوم أدير العمل بجانب زوجي.

  • هل أنت متفرغة لإدارة المكتبة؟

* نعم نوعا ما متفرغة للمشروع، فالفرص الوظيفية شحيحة منذ سنوات.

علاقة وطيدة مع القارئ

  • بماذا تتميز “ردهة القراء” عن مثيلاتها من المكتبات الأخرى.. وما هي عوامل جذب عشاق الكتب لها دون غيرها من المكتبات؟

* تتميز المكتبة بالأجواء اللطيفة البسيطة، والعلاقة الوطيدة مع القارئ منذ سنوات حيث إننا أول مكتبه من نوعها في عمان واستطعنا أن نكبر ونستمر بفضل أصدقائنا القراء ومرتادي المكتبة والارتباط الكبير الذي أظهروه على مر سنوات.

قطاع رابح وناجح

  • ما التحديات والصعوبات التي واجهت المشروع في بداياته وكيف تغلبتم عليها.. وهل يمكن اعتبار مشروع المكتبة المتخصصة في بيع الكتب والصحف والمجلات فقط دون الأدوات القرطاسية الأخرى، مشروع رابح من الناحية الاقتصادية؟

* التحديات التي تواجه القطاع الثقافي شأنها شأن القطاعات الأخرى.. أصعبها أن الشاب العماني لا يمكنه أن يحاصل على أي شكل من أشكال الدعم أو التمويل للوقوف على عمله في حال أراد ان يتفرغ للعمل ويجعله عمله الرئيس فجميع الجهات تطلب ضمانات مثل العقار ومبالغ مساهمة وهذا لا يتوفر اليوم في يد الشاب في مقتبل المشوار.

طبعا نستطيع أن نقول إن قطاع المكتبات رابح وناجح وخبر دليل استمرار ظهور المكتبات وتزايد الطلب.

فكرة مغلوطة

مكتبة ردهة القراء

  • مع الطفرة التقنية حول العالم وتحول أغلب الناس إلى العالم الافتراضي، وانتشار المتاجر والمكتبات الإلكترونية، وإتاحة المعلومة مهما كان نوعها على الفضاء الإلكتروني، بما في ذلك توفر أغلب الكتب بنسخة الـ”بي دي إف ” ( PDF ).. هل لا يزال هناك من يبحث عن اقتناء الكتاب الورقي؟

* نحن كمكتبات جزء من المتاجر الإلكترونية، هي فقط تسّرع العمل وتجعل الوصول للقارئ أسهل وأسرع.. والمجتمع يثق أكثر في المكتبات الواقعية لسهولة الرجوع إليها في حال حصل أي خطأ.

أيضا فكرة أن القراءة الإلكترونية هي الأكثر انتشارا وأن المكتبات تموت، هي فكرة مغلوطة على الأقل في مجتمعنا المتعطش للكتاب الورقي، فالقراءة في هدوء وفي تركيز تعطي نتائج أفضل بكثير من القراءة اللوحية التي دائما ما ينفر منها القارئ الحقيقي لأنها تشتت الانتباه.

  • ما رأيك بمشروع المكتبة الإلكترونية، وهل يعتبر أكثر ربحية عن مشروع المكتبة الفعلية؟

* هل المكتبة الالكترونية أفضل من الواقعية؟ هذا ليس السؤال الأنسب لطرحه حيث إنني أرى أن الإلكتروني مكمل للواقعي وأيضا نستطيع القول إن المكتبة الإلكترونية تكاليفها مختلفة وإدارتها مختلفة وبيئة عملها أيضا مختلفة، الناتج متشابه إلى حد ما لكنني لا أستطيع أن اقارن بما أنني لم أدير مكتبه إلكترونية من قبل.

 

منصات التواصل الاجتماعي

  • كيف تستفيدون من الثورة التقنية ومنصات التواصل الاجتماعي للترويج للمكتبة والتواصل مع من يبحثون عن الكتب؟

* نحن نشأنا في صفحات التواصل الاجتماعي قبل أن نصبح مكتبه واقعية، أي أننا نتاج هذه المنصات.

  • ما هي الكتب الأكثر مبيعا أو تجد إقبالا من القراء اليوم.. وهل هناك أسماء لكتاب عمانيين وعرب وعالميين تحصل على طلب أكبر؟

* القراء الذين يقصدوننا مهتمين أكثر بالرواية، والتنمية البشرية وفي الفترة الماضية الفكر والفلسفة، وبالطبع الكاتب العماني الشهير يحصل على اهتمام القارئ.

إقبال على الروايات

  • كم تشكل نسبة الطلب على كتب المؤلفين والكتاب العُمانيين مقارنة مع إجمالي حركة الشراء من المكتبة؟

* لا يمكن أن يقاس اهتمام القارئ بالكاتب العماني إلا من خلال المكتبات المتخصصة، فمثلا نحن نتخصص أكثر بالرواية وتنمية الذات وإدارة الأعمال فهذه النسبة الأعلى، بينما مكتبة أخرى توفر إصدارات الكتاب العُمانيين فقط فهي تحصد 100 % من اهتمام القارئ.

  • ما هي طرق جذب الزبائن لاستمرارية ارتيادهم مكتبة “ردهة القراء”؟

* جذب الزبون هو قصة طويلة لن تكفي الأسطر لشرحها، أهمها استمرار العلاقة المتينة بين القارئ والمكتبة لنوفر له ما يثير اهتمامه.

  • البعض يجمع في مشروعه بين دار النشر والمكتبة؛ هل راودتكم هذه الفكرة، وما مدى مساهمة الدمج بين المشروعين في ضمان استمراريته خاصة من النواحي الاقتصادية؟

* لا أستطيع أن أجيب عن جدوى التحول الى دار نشر لأننا لم ندخل هذا المجال بعد.

* كونك صاحبة مشروع ثقافي؛ كيف ترين المشهد الثقافي في سلطنة عمان اليوم؟

المشهد الثقافي في نمو، وانفتاح وتطور وهذا أمر يسعدنا فالثقافة ليست مقتصرة على كتاب أو قصيدة أو دار نشر، الثقافة هي أسلوب حياة وممارسات وموسيقى وطعام وحديث ولبس.

* نصيحة تقدمينها للشباب المهتمين بالأدب والثقافة أو الراغبين في افتتاح مشاريع ثقافية؟

نصيحتي للشباب أن يعتزوا بثقافتهم الخاصة التي يصلون لها بقناعتهم ويمارسونها بدون تخوف، والاستمرار في رفد المجتمع العماني بكل أشكال الثقافة الجميلة.

مكتبة ردهة القراء.

المصدر
حوار المسار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى