رأي المسار

عصر جديد للعلاقات العربية الصينية

رأي المسار |       أصبحت الصين لاعبًا  مؤثرًا  في المشهد العالمي ، وهو تأثير مستمد من جملة من عناصر القوة التي باتت تتوفر عليها  الصين، ولعل في مقدمة ذلك القوة الاقتصادية الضاربة بعد أن صارت بلد  التنين ثانية أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية ، بحجم اقتصاد بلغ في العام الماضي  17.7 تريليون دولار، أي 18.4 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي . وهي تمضي بثبات نحو مركز أكثر تقدمًا على هذا الصعيد استنادًا على مورد بشري هائل، وطاقة إنتاجية مذهلة وفوق ذلك تعتمد على  إرادة  قوية وعزيمة جبارة على مواصلة السعي الدؤوب للمضي قدمًا  على درب التقدم والتطور .

كل هذه الاعتبارات كانت حاضرة في “قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية” التي اختتمت أعمالها  أمس  في عاصمة المملكة العربية السعودية ، كما كانت حاضرة المصالح المشتركة التي تربط بين الدول العربية -خاصة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية- وجمهورية الصين الشعبية ، حيث الشراكات التجارية المزدهرة القائمة على علاقات دبلوماسية وطيدة ،والمرتكزة على روابط تاريخية تليدة يقف شاهدا عليها طريق الحرير  والرحلات البحرية القديمة . وفي هذا  الصدد يأتي استشهاد الرئيس الصيني شي جين بينغ على عمق العلاقات التاريخية العربية الصينية التي ترجع إلى أكثر من 2000 سنة بالرحلات البحرية التي قام بها البحار العماني أبو عبيدة عبدالله بن القاسم إلى مدينة قوانغتشو الصينية قبل أكثر من 1200 عام على متن سفينة انطلقت من ميناء صحار .

إن “قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية”  تؤسس لعصر  جديد  من التعاون  بين الجانبين في  هذه المرحلة  الحرجة من تاريخ العلاقات الدولية ، حيث بدأت تتشكل في الأفق خارطة تحالفات جديدة تحتكم إلى المصالح  في المقام الأول ، مع الالتزام  الثابت بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك مبادئ الاحترام المتبادل لسيادة الدول ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، والتأكيد على أهمية التمسك بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، وهذا ما أكد عليه البيان المشترك الصادر في ختام القمة .           ولأن التنمية هي المقصد الأسمى للتعاون بين الدول ، جاء تأكيد  الجانبين  العربي والصيني على تعزيز التعاون في المجالات ذات الأولوية في إطار مبادرة التنمية العالمية، والمساهمة في تسريع تنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 ، وتضافر الجهود لمواجهة التحديات التنموية المشتركة. إن التفاهمات التي تم التوصل إليها بشأن تدعيم  التعاون  في المرحلة المقبلة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يؤكد على أن العلاقات العربية الصينية مقبلة على عصر جديد  يشكل فيه الحلف العربي الصيني رقمًا لا يمكن تجاوزه في الساحة الدولية .

المصدر
رأي المسار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى