آراء الكتاب

علي الشيادي يكتب: هذه المشهورة.. لا حشمة ولا حياء

اقرأ في هذا المقال
  • فأصبح البعض ينتشر في هذه الوسائل تحت ذرائع متعددة و بصور و طرائق مختلفة، فهذا يصطنع صراعاً مع مشهورٍ مثله و يشغلون المجتمع بخلافهم الزائف ثم يتصالحون ليصلوا إلى مبتغاهم، و آخر ينشر إعلانًا مضللًا بدعوى امتهانه التسويق الالكتروني و هو لا يفقه فيه شيئًا، و تلك المشهورة تظهر في مقطع مخلٍ بالآداب دون حشمة و لا حياء

المسار   |   آراء الكُتاب

المهندس علي بن طالب الشيادي

 علي بن طالب الشيادي

أظهرت وسائل التواصل الإلكتروني الكثير من الجوانب المتعلقة بالبشر وأساليب حياتهم، وأثّرت بصورٍ مباشرة وغير مباشرة في تغيير الكثير من المسارات والتعاملات، وككل جديد من صنع الإنسان فإنها ضمّت المتناقضات من إيجابيات وسلبيات، وكل فئة من البشر تختار ما يناسبها.

وقد تبدو محاولات لفت الأنظار والبحث عن اهتمام الآخرين (عبر هذه الوسائل) أمرًا طبيعيًا عند البعض، إلا أنه حين يتطوّر الأمر إلى درجة أن يصبح ذلك سلوكًا يعتاد عليه الباحثون عن الشهرة، ويدمن عليه صنّاع التفاهة، وينقاد إليه المغفلون، فهنا لا بد أن تقف المجتمعات وقفة جادة من أجل أبنائها.

نعم هنالك الكثير من الأمور الإيجابية (ذات النفع) يقدمها إعلام التواصل الإلكتروني، منها ما يلامس الإنسانية وحياة البشر ويومياتهم، ومنها ما يخدم المشهد الثقافي، ومنها ما يتعلق بالعلوم والفنون المختلفة، وغير ذلك مما يفيد المتلقي.

إلا أن ثمة سلبيات باتت تطفو على السطح وتطغى على هذه الوسائل، وأصبحت تغزو كل بيت بلا هوادة تحت مسميات عدة، فتارة يقال عنها (تحدي) التطبيق الفلاني و تارة يقال عنها حرية الرأي و الاعتقاد و التعبير و تارة يقال أن صاحبها أو صاحبتها من المشاهير المؤثرين، و غير ذلك من الذرائع الأخرى.

وإذا ما جئنا لنتائج تلك الحركات لا نجد إلا نشراً للتفاهة بصورة مفرطة لا تراعي الآداب ولا الأخلاق ولا المعتقدات، بل تصل التفاهة إلى أن يتصنّع البعض خلافات شخصية يشغلون بها المجتمع، ويزجّون فيها بالسذّج للمشاركة في نشر سخافاتهم.

هذه الوسائل التي يقول عنها الفيلسوف الكندي آلان دونو في كتابه (نظام التفاهة): ” نجحت مواقع التواصل في ترميز التافهين ” فجعلت منهم أيقونات وقدوات للبعض، وأصبح البعض ينظر لذلك التافه أو تلك التافهة على أنهم أصحاب القرار في تسيير أسلوب حياته.

وكنتيجة طبيعية -في ظل طغيان صنّاع التفاهات على ما يقدمه المربون وصمت بعض الموجهين في هذه الوسائل- فإن تأثير محتوى التفاهة يسيطر على الكثير من الأطفال والشباب، بل والكبار أحيانا، ولعلنا نستذكر هنا المقولة المأثورة:” حين سكت أهل الحق عن الباطل توهّم أهل الباطل أنهم على حق “و أوهموا من تأثروا بهم بذلك.

فأصبح البعض ينتشر في هذه الوسائل تحت ذرائع متعددة و بصور و طرائق مختلفة، فهذا يصطنع صراعاً مع مشهورٍ مثله و يشغلون المجتمع بخلافهم الزائف ثم يتصالحون ليصلوا إلى مبتغاهم، و آخر ينشر إعلانًا مضللًا بدعوى امتهانه التسويق الالكتروني و هو لا يفقه فيه شيئًا، و تلك المشهورة تظهر في مقطع مخلٍ بالآداب دون حشمة و لا حياء، و غيرها تصطنع أكذوبة لتحاول صناعة رأي عام على مقاسها هي، و غير ذلك الكثير مما يفعله من أصيبوا بهَوَس حب الظهور و لو كان على حساب الدين والقيم و المبادئ.

كما يظهر بعض هؤلاء في صورة الناقد الناصح لبعض الأمور التي تجري في المجتمعات، فيتدخل فيما ما لا يعنيه، و يفتي فيما لا يعلم، و يتحدث في أمورٍ أكبر من مستوى فهمه و إدراكه، ثم لا يلبث إلا أن تظهر حقيقته، فينقلب على عقبيه و يكون أول من يخالف ما يدعو إليه.

و مما شاع عند هذه الفئة من التافهين ما يسمونه ب (التحدي) عبر بعض تطبيقات البث المباشر، و في الواقع أن هذه الحركات ليست سوى تحديات في صناعة التفاهة، و أبطالها هم من يفوزون بكميات أكبر من الإسفاف و نشر السخافات بين فئات المجتمع، ثم يتفاخرون بذلك.

أضف إلى ذلك وجود ثلة من الساعين إلى الشهرة عن طريق إثارة الجدل لدى المتابعين، من خلال نشر تغريدات مسيئة للأفراد أو الأوطان، أو من خلال بث مواضيعٍ ليست ذات جدوى، و لا هدف لها سوى الصعود على أفهام السذّج و المغفلين؛ من أجل الوصول مراتب الشهرة المزعومة، فلا يجدون حرجًا في الادعاءات الكاذبة، و التقوّل على الآخرين، و لو وصل إلى حد الدونية في الطرح أو السقوط في الحضيض.

و لنكن على يقين بأن هذه الصراعات التي تطفو بين الفينة و الأخرى بين من يسمّون أنفسهم ب(المشاهير)، ما هي إلا فقاعات يريدون بها تسجيل حضورٍ أكبر في العالم الافتراضي و جني أعداد أخرى من المتابعين عبر مختلف الوسائل الالكترونية، و ما التحديات التي يقومون بها إلا زيادة في الانغماس في الأوحال التي اعتادوا العيش فيها، و في كل الأحوال فإن صراعاتهم المفتعلة و تحدياتهم السخيفة و مقاطعهم المقززة ليست سوى سعي نحو الأموال دون الالتفات إلى مبدأ (من أين اكتسبه).

لذا؛ فهذه دعوة للمجتمع المحافظ (بما فيه من أفراد و مؤسسات أهلية و حكومية و خاصة) للعمل على تظافر الجهود من أجل إيقاف ترميز التافهين، و عدم تصدير الحمقى للشهرة غير المستحقة، و الضرب بيد من حديد على الرويبضة الذين يتحدثون في أمور العامة (كما قال نبينا الكريم صلى الله عليه و آله و سلم) فالمتضرر الأكبر من نشر سخافاتهم الأجيال القادمة ، حين يصلهم المحتوى الهابط دون تمحيص.

المصدر
المسار - خاص

‫2 تعليقات

  1. السـلام عليـكم ، نعم صحيح استاذي فكل ما ذكرته هو الشيء الحاصل للأسف و ان للاسف الاكبر من يدافعون عن هؤلاء المشاهير و كأنهم موكلين بالكتابه عنهم و مواجهة كل من ينتقدهم ب شراسه ، ناهيك عن الاسفاف الذي يقدمه المشاهير .،.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى