رأي المسار

قمة الجزائر.. وسقف التوقعات المرتفع

رأي المسار | تلتئم في الجزائر القمة العربية الـ31، بعد غياب قسري أملته تداعيات “كورونا “، حيث تسببت الجائحة في تأجيل انعقادها لثلاث مرات متتالية، حيث كان آخر انعقاد لها في تونس عام 2019م .

ثمة عوامل عديدة ترفع من سقف التوقعات من قمة الجزائر، في مقدمتها التطورات المتسارعة على الساحة الدولية والتي أضفت عليها الحرب الروسية الأوكرانية أبعادًا خطيرة  تنبئ بالمآلات الكارثية التي قد يؤول إليها العالم  فيما لو تطور النزاع بين القوى المتصارعة إلى حافة المواجهة النووية !

إن هذا الخطر المحدق ، يستلزم تعظيم  الجهود التضامنية  المبذولة تحوطًا لإسقاطات هذه الحرب وتأثيراتها السالبة على الدول العربية ، ابتداء من التأثير على سلاسل الإمدادات الغذائية وصولًا إلى كيفية تلافي التأثيرات المدمرة في حالة انتقال الحرب إلى مربع  استخدام أسلحة الدمار الشامل .

هذا فيما يتعلق بعامل التطورات الدولية، وغير بعيد عن ذلك، ما تشهده أسواق الطاقة العالمية من ارتباك جراء مناهضة بعض الدول لقرار “أوبك +” والقاضي بخفض إنتاج النفط لإعادة التوازن المطلوب لأسواق هذه السلعة الحيوية، ولأن العديد من الدول العربية تعتمد اقتصاداتها على النفط ينتظر من القمة بعث رسالة مؤازرة ودعم  لقرار خفض الإنتاج بما يضمن مصالح المنتجين والمستهلكين في آن معًا.

ومن العوامل التي تضفي أهمية استثنائية على قمة الجزائر، الآمال المعلقة عليها في تنقية الأجواء العربية في ظل ما يعكر صفوها من توتر بين بعض الدول، باعتبار أن هذه أولوية ينبغي أن تكرّس لها الجهود، حتى لا تعصف الخلافات بوحدة الصف العربي، وتجعل من القمم العربية مجرد مهرجانات خطابية لا تسفر عن شيء على أرض الواقع على صعيد لم شتات الأمة وتوحيد كلمتها ومواقفها إزاء مختلف القضايا وحيال كافة الموضوعات.

فلتكن قمة الجزائر قمة لم الشمل بحق وحقيقة، وترتيب البيت العربي من الداخل بإزالة أسباب التوترات، وإذابة جليد الخلافات بين أعضاء الأسرة العربية الواحدة، حتى تتفرغ الأمة مجتمعة  لمواجهة التحديات وتذليل الصعوبات التي تعيق انطلاقتها صوب مرافئ التقدم والازدهار لحاقًا بمن سبقها من الأمم التي قطعت أشواطًا طويلة على هذا الطريق.

وهناك بند آخر ظل يسجل حضورًا دائمًا على أجندة القمم العربية الأخيرة   إلا أن حظه في التنفيذ لم يكن بأفضل من حال الكثير من القرارات التي كان مصيرها أدراج النسيان، ألا وهو بند إصلاح الجامعة العربية والتي باتت كيانا هامشيا يفتقر إلى الفاعلية ، مما يستوجب وقفة جادة من قبل قادة الدول العربية لبث روح جديدة في هذه المؤسسة، لمواكبة التطورات المتسارعة سواء على الصعيد العربي أو على الأصعدة ذات الصلة به، ولن تنهض الجامعة العربية  بهذا الدور وبالصورة المطلوبة ، إلا بإخضاعها  لعملية إصلاح جذرية تطول المفاهيم قبل الهياكل.

وغير هذا هناك العديد من الملفات التي ينتظر أن تتمخض قمة الجزائر عن قرارات واضحة تسهم في حلحلتها، ومن ذلك ملف فلسطين ،قضية العرب المركزية والمحورية ، والأزمات في ليبيا  واليمن وسوريا ، وملف أزمة سد النهضة بالإضافة إلى موضوع الأمن الغذائي والذي ينبغي أن توليه القمة ما يستحقه من اهتمام  نظرًا  للتحديات التي برزت مؤخرًا  فيما يتعلق بشح إنتاج الغذاء والتعقيدات المصاحبة لسلاسل توريده .

كل التطلعات بأن تشكل قمة الجزائر فاتحة لعهد جديد من القمم التي تجسد قولا وفعلا وحدة المصير العربي المشترك.

المصدر
المسار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى