رأي المسار

“ميزانية 2023”.. واقعية التقديرات وكفاءة الإنفاق

رأي المسار |    الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2023م، التي صدر أمس المرسوم السلطاني بالتصديق عليها،تتسم بقدرٍ عالٍ من الواقعية في تقديرات إيراداتها، وبقدر مماثل من الكفاءة في بنود صرفها.

وأول مؤشرات الواقعية في الإيرادات المعتمدة، احتساب متوسط سعر برميل النفط بنحو 55 دولارًا، وهو سعر أقل بكثير عن الأسعار السائدة اليوم والتي تلامس الـ 80 دولارًا للبرميل ، الأمر الذي قد يثير التساؤلات  في أذهان البعض عن المغزى من ذلك ، والإجابة  على ذلك تكمن في أهمية تحصين الميزانية من تأثير التقلبات الحادة لأسعار النفط  في الأسواق العالمية والمعروفة بالتذبذب وعدم الاستقرار تبعًا لما يشهده العالم من أحداث جيوسياسية غير مواتية، وفي  الوقت الراهن تقف الحرب الروسية الأوكرانية شاهدًا على حالة عدم الاستقرار في الساحة الدولية  والتي تتضاءل فرص إخمادها  في ظل ما تشهده من تصعيد جراء كثرة النافخين في نيران اشتعالها.

هذا علاوة على التوترات في شبه الجزيرة الكورية، وموجة التفشي الثانية لوباء “كوفيد -19 ” في الصين، والتي قد تمتد لبقية أنحاء العالم الأمر الذي يلقي بظلال سالبة على أسواق النفط، بل ويمتد التأثير ليخلق ركودًا  يطول اقتصادات جميع دول العالم .

في ظل هذه التوقعات المستقبلية الضبابية حول الأداء العالمي للاقتصاد، كان لابد من انتهاج مبدأ التحوط في تسعير النفط خاصة وأنه يشكل المصدر الرئيس لإيرادات الميزانية العامة للدولة وبنسبة تبلغ نحو 53 بالمائة من إجمالي هذه الإيرادات.

والمتأمل في أرقام الميزانية يلحظ كذلك؛ واقعية تقدير الإيرادات ككل، حيث لم تجنح إلى التقديرات الجزافية التي لا تقف على أرضية صلبة ، بل اعتمدت على معطيات موضوعية  لتأتي تقديراتها في حدود الـ 10 مليارات ريال عُماني، وهي أقل من تقديرات العام المنصرم.

اعتمدت الميزانية العامة للدولة نهج الشفافية ، فجاءت بنودها واضحة ، وأرقامها جلية بحيث يستطيع الجميع الوقوف على توقعات إيراداتها ، وبنود صرفها.

وما يسترعي الانتباه في بنود صرف الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2023، أنها راعت إجراءات الضبط المالي، وتم تقدير مصروفات الوزارات المدنية وفق الاحتياجات الفعلية مع استصحاب نتائج مبادرات الجهات الحكومية في تخفيض الإنفاق العام، واحتساب العلاوة الدورية للموظفين، وترقيات أقدمية عام 2012م.

ويلاحظ التركيز على البُعد الاجتماعي، حيث بلغ إجمالي الإنفاق المعتمد في الميزانية للقطاعات الاجتماعية والأساسية نحو 4.3 مليار ريال عُماني  وبنسبة 38 بالمائة من إجمالي الإنفاق العام، موزعة على قطاعات  التعليم  والصحة والضمان والرعاية  الاجتماعية والإسكان .

وإجمالًا ؛ نستطيع القول إن الميزانية العامة للدولة للسنة المالية  2023م جاءت معززة لتوجهات الإدارة الرشيدة للمالية العامة، وداعمة  لخطط رفع كفاءة الانفاق ليكون المردود تنمية وأمنًا واستقرارًا ورخاء للوطن العزيز وشعبه الأبي في ظل عهد النهضة المتجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه –  .

المصدر
رأي المسار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى